لقد ظهرت ما تسمى بالمحاضر في بلاد شنقيط منذ زمن بعيد وتحديدا في القرن الخامس هجري.
وكانت هذه المحاضر الشنقيطية هي المصدر الوحيد للتعليم في هذه البلاد.
إلى أن جاء الاحتلال الفرنسي.
وقد شكل وجود هذه المحاضر تحديا كبيرا للمحتل.
لقد واجه الاستعمار الفرنسي.
مقاومة ثقافية شديدة من طرف هذه المحاضر وشيوخها وطلابها.
لم يلق مقاومة أشد عليه من مقاومة هذه المحاضر رغم إمكانياتها البسيطة.
وهو ما جعله يحارب هذه المحاضر في محاولة منه للقضاء عليها.
وقد انشأ مدارس تعليمية خاصة به.
وكان يكافئ الناس الذين يرسلون أبناءهم لدراسة في هذه المدارس.
وكان يريد من طلاب المحاضر ان يتركوا الدراسة في المحاضر ويتوجهوا نحو المدارس التي أنشأها ولاكن هذه المحاولة باءت بالفشل.
وذلك بسبب تعلق الموريتانيين الشديد بهذه المحاضر.
وهذه المحاضر هي عبارة عن مدارس اهلية تعلم الناس القرآن الكريم والفقه واللغة وكافة العلوم الشرعية الأخرى.
وشيوخ هذه المحاضر ليسوا من خريجي الجامعات وإنما تخرجوا من المحاضر وهي لا تتبع للدولة وإنما تتبع للأشخاص الذين يدرسون الناس فيها.
وقد عرف شيوخ هذه المحاضر بالتسامح وتواضع وكانوا يدرسون أي طالب علم جاءهم أي كان لونه.
او شكله وكانوا يكفلون الفقراء من طلاب العلم.
وكان الناس إذذاك عبارة عن مجموعات من البدو الرحل ولكنهم كانوا على قدر من العلم خلافا للمعهود.
وقد قال احد العلماء وهو المختار ولد بونه رحمه الله يصف حالهم:
"ونحن ركب من الاشراف منتظم
أجل ذا العصر قدرا دون أدنانا
قد إتخذنا ظهور العيس مدرسة
بها نبين دين الله تبيانا"
ولم يكن لديهم من المساكن سوى الخيام وكانوا احيانا يدرسون تحت الشجر.
وكان الطلاب يجمعون الخشب ويشعلون فيه النار من أجل إضائة المكان ويجلسون حولها.
وذلك لانهم لا يملكون مصابيحا.
ويحكى أن العلامة يحظيه ولد عبد الودود رحمه الله أرسله شيخه العلامة الحسن ولد زين رحمه الله وهو حينها لا يزال طالبا وقد طلب منه أن يءتيه بدلو وكان يحظيه قد انتها توا من قراءة الدرس على الشيخ فلما كان في الطريق جاء الليل وراى مجموعة من الرعاة وقد أشعلوا نارا فصلى هنالك المغرب وبعد ذلك أخذ كتابه وجعل يراجع درسه ولم ينتبه إلا بعد ان طلع الفجر وهو لم يصل العشاء.
كان كل شيء في المحضرة بسيطا حيث كانوا يكتبون على ألواح مصنوعة من الخشب واما الحبر فبعضهم يصنعه من الفحم وبعضهم يصنعه من مواد ؤخرى وكلها اساليب بدائية.
لقد عانت هذه المحاضر من تجاهل الدولة لها فهذه المحاضر لا تتلقى أي مساعدات من طرف الدولة وخريجيها ليس لهم نصيب من التوظيف الحكومي.
ورغم كل هذه التحديات فما زالت المحاضر صامدة.
وقد أصبحت هذه المحاضر وجهة مفضلة للكثير من طلاب العلم الشرعي من جميع أنحاء العالم...
تعليقات
إرسال تعليق