هل نحن بحاجة لتقليد الغرب؟
لماذا نقلد الغرب؟!
نحن لسنا بحاجة إلى تقليد الغرب لأننا أمة لها كيانها ومقدراتها:
إن العرب عندما رقوا العلوم ونشروها وأوجدوا أهمها إنما عملوا بعقليتهم الشرقية العربية. وإننا لسنا بحاجة لتقليد الغربيين في أسلوب تفكيرهم لتجاربهم في مضمار العلوم. ومن العرب اليوم في أوربا وأميركا ومصر وسائر الأقطار العربية علماء في كل فن يفتخر العالم بأسره؛ غربه وشرقه بسمة اطلاعهم وعبقريتهم وما بلغ هؤلاء الأعلام مقامهم إلا بعقليتهم العربية.
إن العلوم الرياضية مشاع بين البشر جميعهم فليس على الأرض سلالة خصها الله بالعلم دون سواها.
إن لكل شعب فطرته وهي ميزة خاصة في الذوق واختصاص في فهم الحياة والتمتع بها، وإن كل أمة تستبدل ثقافة غريبة بثقافتها إنما تؤلم فطرتها وتموت شخصيتها.
إن الأخذ بالعلم عن أي شعب لا يستلزم مطلقا اقتباس طرق حياته في الأسرة والمجتمع وتقليد ذوقه وسكناته وحركاته فإن العرب عندما احتضنوا العلوم الاستقرائية عن اليونان لم يأخذوا الفطرة اليونانية ولا ذوقها ولا معتقداتها كما أن أوربا عندما تلقت هذه العلوم عن العرب لم تتعرب بل بقي فيها كل شعب محتفظا بثقافته. هذا فضلا عن أن في الغرب ثقافات قد يراها من يحدجها من بعيد على شيء من التقارب غير أن من يدرسها عن كثب ليدهشه ما بينها من فروق تتناول صميم الذوق والعقيدة والشعور. فأي الثقافات يشار على الشرق بأن يتبع.
إن اليابان لم تزل متمسكة بثقافتها كل التمسك وفي ذلك سر ارتقائها، فهي لم تأخذ من الغرب إلا الآلة والآلة فقط. وما الآلة إلا نتاج العلم العملي الوضعي الذي رافق الإنسانية منذ اكتشف أول مكتشف شرارة النار في كهفه.
الأديب الكبير والمفكر القدير:
فيلكس فارس
من كتاب المعارك الأدبية.
تعليقات
إرسال تعليق